ولادة المسيح هي من أهم الأحداث التي جرت في هذه الدنيا. إن سيدنا المسيح هو الوحيد الذي ولد من دون أب بشري منذ زمن سيدنا آدم. ان احداث هذه القصة المثيرة مذكورة بالتفصيل في الانجيل الشريف. إن القصة بدأت عندما ارسل الله تعالى ملاكه جبريل إلى فتاة عذراء اسمها مريم.

وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ، أُرْسِلَ الْمَلَاكُ جِبْرِيلُ إِلَى بَلْدَةٍ اسْمُهَا النَّاصِرَةُ فِي مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ اسْمُهُ يُوسِفُ، وَهُوَ مِنْ سُلَالَةِ دَاوُدَ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَجَاءَ وَقَالَ لَهَا: ”السَّلَامُ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! الْمَوْلَى مَعَكِ.“ فَاضْطَرَبَتْ مِنْ كَلَامِهِ جِدًّا، وَأَخَذَتْ تُفَكِّرُ فِي مَعْنَى هَذِهِ التَّحِيَّةِ. فَقَالَ لَهَا الْمَلَاكُ: ”لَا تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لِأَنَّ اللهَ رَضِيَ عَنْكِ، فَسَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا، وَتُسَمِّينَهُ عِيسَـى. سَيَكُونُ عَظِيمًا، وَيُدْعَى ابْنَ الْعَلِيِّ وَيُعْطِيهِ اللهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الْأَبَدِ، وَلَنْ يَكُونَ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ.“فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلَاكِ: ”كَيْفَ يُمْكِنُ هَذَا وَأَنَا عَذْرَاءُ؟“ أَجَابَهَا الْمَلَاكُ: ”الرُّوحُ الْقُدُّوسُ يَأْتِي عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، لِذَلِكَ الْقُدُّوسُ الَّذِي سَيُولَدُ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَإِنَّ أَلِيصَابَاتَ قَرِيبَتَكِ، حَبِلَتْ هِيَ أَيْضًا بِابْنٍ وَهِيَ كَبِيرَةُ السِّنِّ. فَالَّتِي كَانُوا يَدْعُونَهَا عَاقِرًا هِيَ الْآنَ فِي شَهْرِهَا السَّادِسِ. لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِيلُ عَلَى اللهِ شَيْءٌ.“ <فَقَالَتْ مَرْيَمُ: ”أَنَا خَادِمَةُ الْمَوْلَى، فَلْيَكُنْ لِي كَمَا قُلْتَ.“ وَمَضَى الْمَلَاكُ مِنْ عِنْدِهَا. (لوقا ٢٦:١-٣٨ ) 

في الآيات الكريمة السابقة نرى كيف أن جبريل أخبر مريم بأنها ستحبل وتلد ابناً و سيكون اسمه عيسى. ان الملاك أعلن لمريم ان سيدنا عيسى سيكون عظيماً. إن قرأنا التوراة و الإنجيل و صحف الانبياء و المزامير لن نجد أي نبي دُعيَ عظيماً. إن الملاك أعلن ايضاً أنه سيُدعى ابن العلي. إن كثير من الناس يظنون أنه من الكفر أن نقول عن المسيح أنه ابن الله. ولكنني هنا اتسائل ما هو المعنى الحقيقي لقول ان المسيح هو ابن الله؟ إن سيدنا المسيح لم يولد من أب بشري و هذه إحدى معجزاته الكثيرة. إن هذا احد الاسباب إن احد القاب المسيح هو ابن الله. ربما تتساءل لماذا قال لها الملاك ان قريبتها حامل. ان الاجابة على هذا السؤال تكمن في ان الله يريد أن يُري مريم انه قادر ان يعمل المعجزات. مع ان قريبتها كانت عاقراً ان الله بقوته جعلها تحمل.

وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَامَتْ مَرْيَمُ، وَرَاحَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ، إِلَى بَلْدَةٍ فِي يَهُوذَا. وَدَخَلَتْ دَارَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلَامَ مَرْيَمَ، قَفَزَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلَأَتْ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُّوسِ، فَهَتَفَتْ بِأَعْلَى صَوْتِهَا: ”مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ، وَمُبَارَكٌ ابْنُكِ الَّذِي تَلِدِينَهُ. هَذَا شَرَفٌ كَبِيرٌ لِي أَنْ تَزُورَنِي أُمُّ سَيِّدِي، فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَ سَلَامُكِ إِلَى أُذُنَيَّ، قَفَزَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِي مِنَ الْفَرَحِ. وَهَنِيئًا لِمَنْ آمَنَتْ بِأَنَّ كَلَامَ اللهِ لَهَا سَيَتِمُّ.“(لوقا ٣٩:١-٤٥) بعد ان بشر الملاك مريم بأنها ستحبل و تلد ابناً ذهبت الملاك لعند قريبتها اليصابات. كان سبب الذهاب هو لكي تتأكد من ان قريبتها حبلى.

خطيب مريم

هل بإمكانك أن تتخيل أن تكتشف أن خطيبتك حبلى بعد أشهر من خطبتك لها. إن الله سبحانه و تعالى لم يشأ أن يشوه سمعة مريم. بعد ان علم يوسف خطيب مريم أن مريم حبلى لم يُرد أن يفضحها بل أراد أن يطلقها سراً. ولكن ملاك الله ظهر ليوسف و قال له ان لا يخاف من ان يتزوج مريم فإن حبلها هو من الله و ليس من زنى. وَكَانَ يُوسِفُ رَجُلُهَا صَالِحًا، فَلَمْ يَرْغَبْ فِي أَنْ يَفْضَحَهَا، بَلْ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَهَا سِرًّا. وَبَيْنَمَا هُوَ يُفَكِّرُ فِي هَذَا الْأَمْرِ، ظَهَرَ لَهُ مَلَاكُ اللهِ فِي حُلْمٍ وَقَالَ لَهُ: ”يَا يُوسِفُ ابْنَ دَاوُدَ، لَا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ إِلَى دَارِكَ، فَهِيَ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُّوسِ. وَسَتَلِدُ ابْنًا وَأَنْتَ تُسَمِّيهِ عِيسَى لِأَنَّهُ سَيُنْقِذُ شَعْبَهُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ.“(متى ١٩:١-٢١) فعمل يوسف كما قال له الملاك.

ولادة المسيح

وَفِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، أَصْدَرَ الْقَيْصَرُ أُغُسْطُسُ مَرْسُومًا بِإِحْصَاءِ كُلِّ سُكَّانِ الْإِمْبِرَاطُورِيَّةِ. كَانَ هَذَا هُوَ أَوَّلُ إِحْصَاءٍ، وَقَدْ تَمَّ لَمَّا كَانَ كِيرِنِيُوسُ حَاكِمًا عَلَى سُورْيَا. فَذَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَلْدَتِهِ لِيُسَجَّلَ هُنَاكَ. وَيُوسِفُ أَيْضًا صَعِدَ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ فِي الْجَلِيلِ، إِلَى بَيْتَ لَحْمَ، مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي فِي مِنْطَقَةِ يَهُوذَا، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَائِلَتِهِ، وَذَلِكَ لِكَيْ يُسَجَّلَ هُنَاكَ مَعَ مَرْيَمَ خَطِيبَتِهِ، وَهِيَ حُبْلَى. وَبَيْنَمَا هُمَا فِي بَيْتَ لَحْمَ جَاءَ وَقْتُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ، وَلَفَّتْهُ فِي قِطْعَةٍ مِنَ الْقُمَاشِ، وَأَنَامَتْهُ فِي مَعْلَفٍ لِلْبَهَائِمِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْفُنْدُقِ.(لوقا ١:٢-٧)

ان هناك سبب أساسي و مهم أن ولادة المسيح تمت من امرأة عذراء و بدون اب. بعد ان اذنب ادم اصبحنا نرث الذنب منه. سيدنا المسيح عند ولادته لم يرث هذا الذنب من ادم. انه ورث طبيعة أبيه كما اننا نرث طبيعة أبينا. إن أباه كامل و هذا ما ورثه المسيح من الله تعالى. إن كنت تريد ان تعرف من هو المسيح أو لماذا آمنت أنا بالمسيح أو ما هي رسالة المسيح؟ انقر هنا.